الاثنين، 7 يوليو 2008

شيزوفرنيا !!!!

حينما أجلس وحدى وأتأمل أحوال المجتمع الذى أعيش فيه أشعر بدهشة غريبة وبإنبهار فى نفس الوقت لحجم ‏الكذب والتضليل الذى يمارس من حولى على جميع المستويات .
‏ولا أكون مبالغا حينما أقول جميع المستويات وكأنما إتفق الجميع فيما بينهم على تطبيق هذا المنهج وهذا الأسلوب ‏فى وقت واحد وبنفس الأسلوب تقريبا مع إختلاف المواقف والأشخاص.‏‏
ولا أكون مبالغا أيضا حينما أقول إنبهار لمدى دقة الكذب والتزييف لدرجة أننى أنخدع فى بعض الوقت من قوة ‏الحجة وكيف يتسنى لصاحب هذه الحجة العقل والإحترافية الشديدة فى إخراج هذه الأباطيل والأكاذيب.
‏فحينما أتأمل ماحولى وأحاول إيجاد قاسم مشترك يجمع هذه الخيوط المتفرقة مع بعضها البعض لا أجد صعوبة ‏فى ذلك فأجد هذه الخيوط تتجاذب وتتشابك لتشكيل نسيج واحد وكالفرقة الموسيقية الواحدة التى يمسك عازفيها ‏كل بآلته لعزف المقطوعة الموسيقية والسيمفونية الرائعة التى تشعرك بمدى التجانس فى النغمات بحيث لا ‏تستطيع أذنك إلتقاط أى نشاذ فى هذا العزف لدقة ومهارة العازفين .
‏فإذا تأملت ونظرت للصورة من خلال العدسة المكبرة لرؤية المجتمع الكبير الذى أعيش فيه أشعر بالغثيان لمدى ‏الكذب والتضليل الذى يمارس على هذا المستوى الكبير من خلال منظومة الأمم المتحدة فأجد هذه الهيئة رفيعة ‏المستوى تمارس قمة الإزدواجية فى المعايير بحيث لا يخطىء المتابع لأحوالها ذلك بوضوح شديد وبصفة دورية ‏منتظمة حينما تسمع على لسان أمينها العام مساندة الأمم المتحدة لجميع المقهورين على سطح الأرض وكيف ‏يتسابق العالم من خلال هذه الهيئة فى رفع الغبن والظلم الواقع على الشعوب المقهورة وفى نفس اللحظة تجد نفس ‏المسؤل يطلق التصريحات والتهديدات للشعب الفلسطينى الأعزل المحاصر بضرورة السكوت والخنوع وعدم ‏الرد على العدوان الصهيونى الذى يتفنن يوميا فى إذلال وقهر هذا الشعب المسكين بل والأكثر من ذلك لا يجب ‏عليك أن تعبر ولو حتى بالإمتعاض والتنديد بهذه الممارسات وإلا ستصبح معاديا للسامية ويدرج إسمك مباشرة ‏على قائمة الإرهاب.
‏وإذا نظرت بعدسة أخرى لأحوال المجتمع الدولى تجد الدول العظمى التى تتغنى وتتشدق بالديمقراطية تمارس ‏أبشع أنواع الديكتاتورية واالعنجهة السياسية حينما تفرض على حكام دول العالم الثالث الطامحين للحفاظ على ‏كراسيهم التى خار السوس فيها الإنقياد والإنصياع لكل أوامرهم بل قل لمجرد أحلامهم فذلك الحاكم يرمون له ‏بالجزرة ويلوحون له بالعصى لإرهابه فيركع لأوامرهم و لا يفكر مجرد التفكير فى العصيان وليذهب الشعب ‏إلى الجحيم فى سبيل الهدف الأسمى وهو بقائه فى السلطة حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
‏كما نجد هذه الدول العظمى تنادى على لسان رؤسائها وحكوماتها بضرورة إحترام إرادة الشعوب فى إختيار ‏حكامها وضرورة ترسيخ مبادىء الديمقراطية التى هى كالماء والهواء للإنسان تجدهم فى نفس الوقت يطالبون ‏المجتمع الدولى بفرض وتشديد الحصار على الحكومة الفلسطينية الشرعية التى إختارها الشعب الفلسطينى من ‏خلال تجربة ديمقراطية حرة نزيهة لم تشهد منطقتنا العربية مثيلا لها لا لشيء ولكن لتضارب مصلحة أمريكا فى ‏مساندة الكيان الصهيونى وهذه الحكومة الفلسطينية الشرعية.‏وأمثلة هذه الإزدواجية التى ينتهجها هذا العالم المتحضر الديمقراطى إسما فقط لا حصر لها ولنا فى الإحتلال ‏الأمريكى للعراق المثل فحينما نسمع من خلال جميع المحطات التليفزيونية الرفض الشعبى فى العراق لهذا ‏الوجود المحتل على أراضيه من خلال جميع الطوائف العراقية تغض أمريكا الطرف عن هذه الإعتراضات ولا ‏تستمتع إلا لصوت واحد فقط وهو أمريكا أولا وليذهب الجميع إلى الجحيم.
‏وإذا نظرنا بنظرة أقل شمولا على مجتمع أصغر وهو المجتمع العربى فحدث ولا حرج يوميا يطالعنا الأفاقين من ‏خلال أبواقهم النجسة بسعى الحكومات العربية لتوفير الرخاء والرفاهية لشعوبهم تجدهم يتحالفون مع الشياطين ‏لنهب الثروات وشعوبهم خارت قواهم من الأنيميا الحادة .
‏وحينما ننظر لأحوال المجتمع المصرى ترى العجب العجاب ...‏تصريحات من قيادات الحزب الحاكم ومن الوزراء والمسؤلين بالديمقراطية والشفافية والتغيير والدماء الجديدة ‏والفكر الجديد وحرية و رفاهية ورخاء من أجل المواطن المصرى كل ذلك والمتابع لهذه التصريحات يحسد ‏الشعب المصرى على كل هذه النعم التى ينعم بها والتى إن دلت على شيء فإنما تدل على أن هذا الشعب هوشعب ‏جبار لا يملأ عينه إلا التراب .... لماذا هو دائم الشكوى من الديكتاتورية وزوار الفجر وكبت الحريات وغلاء ‏المعيشة ؟
ماذا يريد بعد كل ذلك؟‏
حتى مجرد محاولات الخروج من هذا الإحساس القاتل حينما أحاول الدخول للمنتديات على شبكة الإنترنت ‏تصطدم أيضا بمثل هذا النوع من الإزدواجية حينما تقرأ الإسم البراق للمنتدى الذى ينادى بحرية الرأى والذى ‏يعانى المسؤلين عن هذا المنتدى من الإضطهاد والحجر على حرياتهم يمارسون نفس الأسلوب من الإزدواجية ‏برسالة إدارية من إدارة المنتدى تعتذر لك بعدم نشر مقالك وذلك لأنه يتعارض مع فكرهم ونهجهم العلمانى الذى ‏يختلف عن معنى ومضمون المقال وكأنهم بذلك يكملون هذه الحلقة اللانهائية من صور الشيزوفرنيا.
‏ثم أتأمل بعد ذلك فى أحوالى فى العمل فأجد مديرى فى العمل يمارس نفس الأسلوب وبنفس الطريقة حتى أكاد ‏أشعر بأننى أنا المستهدف بكل هذا الإزدواج والكذب وكأن أمريكا والأمم المتحدة وكل من حولى إتفقوا جميعا ‏ضدى لإيهامى بأنهم جميعا على صواب وأنا المخطىء ويجب إيداعى مستشفى الأمراض العقلية .‏

ليست هناك تعليقات: